إيلا ديفيز
صحفية علمية
ربما تبلغ أبدان الثعابين والحيتان الزرقاء أطوالا كبيرة للغاية، ولكنها قد لا تكون رغم ذلك الحيوانات الأطول على الإطلاق.
يمكن أن يكون المرء طويل القامة أو قصيرها، نحيف الجسد أو بَدِينَهُ، ولكننا عادة لا نميل للحديث عن طول الجسد نفسه.
وربما يفسر ذلك، لِمَ يسترعي الطول المفرط انتباهنا في أغلب الأحيان. وفي أي نقاش بشأن الحيوانات طويلة البدن، تتصدر القائمة بوضوح حيواناتٌ بعينها: مثل الثعابين، وهي المخلوقات الأطول من بين تلك التي تعيش على البر.
وفي أبريل / نيسان 2016، قال عمال لشق الطرق كانوا يتولون مد طريق سريع في ولاية بينانغ الماليزية إنهم اكتشفوا ثعبانا من نوع "الأصلة الشبكية" (بايثون ريتكولايتس) يبلغ طوله 26 قدما وثلاث بوصات (قرابة ثمانية أمتار).
رغم ذلك، قلص مسؤولون هذا الرقم إلى 24 قدما وسبع بوصات (نحو 7.5 أمتار). الأسوأ، أن هذه الأصلة نفقت – بحسب تقارير - بعد اصطيادها، لذا لن يتسنى لنا قط التعرف على الحجم الذي كان يمكن لها الوصول إليه.
ووفقا لكتاب "جينيس وورلد ريكورد" للأرقام القياسية، فإن أطول أصلة شبكية تعيش في الأسر، هي أنثى ثعبان يُطلق عليها اسم ميدوسا، وتقبع في مدينة كانزَس سيتي الأمريكية، ويصل طولها إلى 25 قدما (نحو 7.67 أمتار).
ولكن ثمة من يقول إن طول هذا النوع من الأصلات قد يبلغ ضعف ذلك تقريبا. ففي إندونيسيا، هناك أصلة تحمل اسم "فريغنانت فلاور"، كانت معروفة بأن طولها يصل إلى 47 قدما وست بوصات (نحو 14.5 مترا)، إلى أن أثبت القياس – على نحو محرج – أن الطول لا يناهز سوى الـ 23 قدما (قرابة سبعة أمتار).
ويقول دان نيتوش من جامعة سيدني الأسترالية، الذي قضى أعواما طويلة عاكفا على دراسة الأصلات الضخمة، إنه يرى بحسب خبرته أن غالبية الادعاءات الخاصة بوجود ثعابين بلغت من الطول أو الوزن أقصاهما "ليست إلا إفراطا في المبالغة".
ويوضح نيتوش بالقول إن "الأصلات الشبكية تُصاد بأعداد كبيرة من أجل جلودها. على مدى العامين الماضيين، فحصنا قرابة 8 آلاف منها، جُمِعَتْ لهذه التجارة (في جلودها). ومن بينها، كان هناك ثعبانان زاد طولهما – حسبما أتذكر - على سبعة أمتار '23 قدما'. أكثر من ذلك بالقليل. ويدعي المتعاملون في هذه التجارة أن طول تلك الثعابين لا يزيد كثيرا عن ذلك".
ويمضي الرجل بالقول: "شعوري الداخلي يفيد بأن مستوى الأمتار الثمانية (26 قدما وثلاث بوصا) هو على الأرجح أقصى طول لهذا النوع. رغم ذلك، فيمكن تصديق أن عينة شاذة نمت بشكل أكبر. فقد يكون دقيقا ذاك الرقم القياسي في الطول، والبالغ 10 أمتار (32 قدما وتسع بوصات)، والذي يخص عينة وُجدت في سولاويسي (الإندونيسية) أوائل القرن الماضي. لكن ليس بمقدورنا التحقق من دقة نظم القياس" التي اتبعت في الماضي".
وأورد نيتوش عدداً من أنواع الثعابين، التي يُقال إنها تتجاوز الرقم القياسي للأصلات الشبكية في الطول. ومن بينها، الأصلة البنفسجية الاسترالية، وأصلة الصخر الأفريقية، إلى جانب "الأناكوندا الخضراء" (يوناتيس ميرونيس)، وهي ربما النوع الأكثر شهرة فيما بين هذه الأنواع.
فلطالما شكلت تلك الزواحف، التي تمثل الغابات المطيرة في أمريكا الجنوبية موطناً لها وتبدو طويلة البدن على نحو يصعب تصوره، محل افتنان ومصدر جاذبية، منذ أن روى المغامرون الأوائل حكاياتهم عنها.
كما باتت بمثابة مرشح مثالي للتناول في الأعمال الخيالية، بفعل موطنها البعيد عن العمران وعاداتها الحياتية التي تتسم بالتكتم والتحفظ، وذلك نظرا لأنه من العسير للغاية العثور على عينات منها، لكي يتم قياسها وتسجيل صفاتها على نحو واقعي دقيق.
فبوسع "الأناكوندا الخضراء"، إذا عاشت في ظروف طبيعية ودون إزعاج من البشر وتوافر لها الكثير من الفرائس، أن تبلغ حجما هائلا، سيجعلنا في حيرة من أمرنا.
وهنا يقول نيتوش إنه من المحتمل أن تكون الأناكوندا الخضراء هي النوع الوحيد من الثعابين، الذي تفيد عمليات تسجيل موثوق بها أن طوله يقترب من مستوى الثمانية أمتار (26 قدما وثلاث بوصات). ويضيف قائلا إن القياسات الخاصة ببلوغ أنواع أخرى طولا كبيرا للغاية "عتيقة وأعتقد بشكل شخصي أنها مشكوك فيها".
ورغم الطول الكبير الذي تتسم به ثعابين "الأناكوندا الخضراء"، فإن المخلوقات التي تعيش على البر لا تستطيع أن يتجاوز نموها هذا المدى في الطول. فالجانب الأكبر من سطح كوكبنا عبارة عن محيطات، وهناك يمكن العثور على الكائنات العملاقة بحق.
وهكذا؛ يمكن القول إن الحوت الأزرق (بالانوبترا مُسكيولس) يبدد – على ما يبدو – فرص أي حيوان آخر في الاستحواذ على لقب أكثر المخلوقات طولا، بفعل كونه الحيوان الأضخم الذي عاش على الأرض على الإطلاق. فحتى الحوت حديث الولادة من هذا النوع يفوق في طوله طول أي أصلة شبكية عملاقة.
وتوجد الحيتان الأضخم من نوع "الحوت الأزرق" في نصف الكرة الجنوبي. وبحسب التقديرات، عادة ما يناهز طول حيتان هذه السلالة التي تعيش في القطب الجنوبي مستوى الـ 98 قدما (30 مترا).
وأطول تلك الحيتان، بحسب السجلات، أنثى حوت ناهز طولها 110 أقدام (33.58 مترا)، كانت قد أُسرت على يد صيادي حيتان في المحيط الأطلسي الجنوبي. ولكن مرات مشاهدة وحوش البحر الضخمة هذه باتت تتسم بالندرة بفعل استغلالها والإتجار فيها، من قبل مثل هؤلاء الصيادين.
ويقتفي العلماء حاليا آثار تجمعات هذا النوع من الحيتان عبر تتبع "أغانيها" أو نداءاتها بالأحرى، للتعرف على طبيعة أي تغير ربما يكون قد طرأ على حياتها بعد الحُظر الذي فُرض على صيدها.
يعرف قنديل البحر ذو لِبْدَة الأسد علميا باسم (سيانيا كابيلاتا)
غير أنه تبين أن هناك حيوانات بحرية أخرى تنافس الحوت الأزرق. ولكن بدلا من أن يُقاس طول تلك الحيوانات من الأنف إلى الذيل، فإن أول ما سنذكره منها، يُقاس من "ناقوسه" وحتى مجساته، ألا وهو قنديل البحر ذو لِبْدَة الأسد (سيانيا كابيلاتا)، والذي سُمي بهذا الاسم للونه الأحمر ذي المسحة الذهبية، وكتلة مجساته الشبيهة بالشعر، وهو أحد أضخم قناديل البحر في العالم.
ويوجد هذا النوع في المياه المحيطة بأستراليا، ولكنه لا يصل إلى أكبر أحجامه سوى في المياه الباردة بالنصف الشمالي من الكرة الأرضية.
فهناك، يمكن أن ينمو الجزء المقعر من جسم هذا القنديل، والذي يُطلق عليه اسم الناقوس، إلى أن يبلغ قطره 6.5 أقدام (متران)، كما يصل طول مجساته – حسبما يُشاع - إلى 196 قدما (60 مترا).
غير أن الغموض لا يزال يكتنف أقصى طول يمكن أن تصل إليه القناديل من ذلك النوع، في ضوء أنه من الصعوبة بمكان استخدام أداة قياس تحت الماء، لقياس طول المجسات اللاسعة نصف الشفافة لقنديل دائب الحركة منها.
وربما شاهد المرء منّا صورة مُتلاعباً فيها تُظهر قنديل بحر يبدو وكأنه أطول من غواص موجود إلى جواره، وهي الصورة التي تعاود الظهور بانتظام على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يذكي الشائعات الدائرة حول طول هذا المخلوق.
وفي ستينيات القرن التاسع عشر، عُثر على أضخم عينة مسجلة من قناديل البحر هذه على الإطلاق، بعدما ألقتها الأمواج على شاطئ بلدة ناهان الساحلية بولاية ماساشوستس الأمريكية. وقد بلغ طول مجساتها نحو 120 قدما (36.5 مترا).
وفي سياق مراجعة صدرت عام 2015 بشأن الحيوانات البحرية العملاقة، أشار كريغ ماكلاين، من المركز الوطني للتركيب التطوري في مدينة دورام بولاية نورث كارولاينا الأمريكية، إلى الهشاشة التي تتسم بها مجسات قنديل البحر ذي لِبْدَة الأسد. وهو ما يعني أنه من العسير قياسها بشكل خاص، وأننا قد لا نعلم قط الطول الذي يمكن أن تصل إليه.
تعيش ديدان "بوتلاس" التي تنتمي إلى شعبة الديدان الشريطية داخل البرك الصخرية الواقعة على طول الساحل الغربي للمملكة المتحدة
وإذا ما كانت الهشاشة النسبية لمجسات هذا النوع من قناديل البحر تدفع المرء إلى عدم الاكتراث بطوله الكبير، فإن الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على ما يُعرف بـ"دودة بوتلاس" (لانيوس لونغيسيمس).
وتعيش ديدان هذا النوع – والذي ينتمي إلى شعبة الديدان الشريطية - بداخل البرك الصخرية الواقعة على طول الساحل الغربي للمملكة المتحدة، وحول هذه البرك كذلك. و"دودة بوتلاس" ذات لون بني داكن، ويبلغ عرضها عادة نحو خمسة ميلليمترات، وتفرز مخاطا نتن الرائحة عند ملامستها.
وفي ضوء ذاك الوصف، قد تبدو تلك الدودة مفتقرة – بشكل كبير – لأي ملامح مُمَيَزة، أو تتسم حتى بعدم الجاذبية، لكن ذلك لم يحل دون أن تلقى اهتماماً كبيراً حينما عُثر على إحداها على شواطئ بلدة سينت أندروز بمنطقة فايف الاسكتلندية عام 1864.
وبلغ طول هذه العينة مستوى هائلا وصل إلى قرابة 180 قدما (55 مترا)، وأصبحت رسميا الحيوان الأطول في العالم.
وكما هو الحال مع كل عمليات القياس التي جرت قديما، ما من سبيل لدينا للتعرف على ما إذا كانت هذه القياسات دقيقة، أم أنه جرى "مَطَّهَا"، فربما يكون قد جرى – حرفياً - "مَطّْ" هذه الدودة المرنة، لإرضاء المولعين بالأرقام القياسية.
وفي الأوساط العلمية، يُقال إن متوسط طول "دودة بوتلاس" يتراوح ما بين 16 إلى 32 قدما (من خمسة إلى عشرة أمتار)، ولكن بوسعها تقليص طول جسدها، حال تعرضها لأي تهديد، وذلك عبر قبض عضلاتها لكي تنكمش.
لذا، فإذا ما رأى أيٌ منّا إحدى هذه الديدان مستقبلا، وقد اتخذت شكل عقدة أنشوطة على شاطئ البحر، فليضع في ذهنه أنه ربما يرى أطول حيوان على سطح هذا الكوكب.
صحفية علمية
ربما تبلغ أبدان الثعابين والحيتان الزرقاء أطوالا كبيرة للغاية، ولكنها قد لا تكون رغم ذلك الحيوانات الأطول على الإطلاق.
يمكن أن يكون المرء طويل القامة أو قصيرها، نحيف الجسد أو بَدِينَهُ، ولكننا عادة لا نميل للحديث عن طول الجسد نفسه.
وربما يفسر ذلك، لِمَ يسترعي الطول المفرط انتباهنا في أغلب الأحيان. وفي أي نقاش بشأن الحيوانات طويلة البدن، تتصدر القائمة بوضوح حيواناتٌ بعينها: مثل الثعابين، وهي المخلوقات الأطول من بين تلك التي تعيش على البر.
وفي أبريل / نيسان 2016، قال عمال لشق الطرق كانوا يتولون مد طريق سريع في ولاية بينانغ الماليزية إنهم اكتشفوا ثعبانا من نوع "الأصلة الشبكية" (بايثون ريتكولايتس) يبلغ طوله 26 قدما وثلاث بوصات (قرابة ثمانية أمتار).
رغم ذلك، قلص مسؤولون هذا الرقم إلى 24 قدما وسبع بوصات (نحو 7.5 أمتار). الأسوأ، أن هذه الأصلة نفقت – بحسب تقارير - بعد اصطيادها، لذا لن يتسنى لنا قط التعرف على الحجم الذي كان يمكن لها الوصول إليه.
ووفقا لكتاب "جينيس وورلد ريكورد" للأرقام القياسية، فإن أطول أصلة شبكية تعيش في الأسر، هي أنثى ثعبان يُطلق عليها اسم ميدوسا، وتقبع في مدينة كانزَس سيتي الأمريكية، ويصل طولها إلى 25 قدما (نحو 7.67 أمتار).
ولكن ثمة من يقول إن طول هذا النوع من الأصلات قد يبلغ ضعف ذلك تقريبا. ففي إندونيسيا، هناك أصلة تحمل اسم "فريغنانت فلاور"، كانت معروفة بأن طولها يصل إلى 47 قدما وست بوصات (نحو 14.5 مترا)، إلى أن أثبت القياس – على نحو محرج – أن الطول لا يناهز سوى الـ 23 قدما (قرابة سبعة أمتار).
ويقول دان نيتوش من جامعة سيدني الأسترالية، الذي قضى أعواما طويلة عاكفا على دراسة الأصلات الضخمة، إنه يرى بحسب خبرته أن غالبية الادعاءات الخاصة بوجود ثعابين بلغت من الطول أو الوزن أقصاهما "ليست إلا إفراطا في المبالغة".
ويوضح نيتوش بالقول إن "الأصلات الشبكية تُصاد بأعداد كبيرة من أجل جلودها. على مدى العامين الماضيين، فحصنا قرابة 8 آلاف منها، جُمِعَتْ لهذه التجارة (في جلودها). ومن بينها، كان هناك ثعبانان زاد طولهما – حسبما أتذكر - على سبعة أمتار '23 قدما'. أكثر من ذلك بالقليل. ويدعي المتعاملون في هذه التجارة أن طول تلك الثعابين لا يزيد كثيرا عن ذلك".
ويمضي الرجل بالقول: "شعوري الداخلي يفيد بأن مستوى الأمتار الثمانية (26 قدما وثلاث بوصا) هو على الأرجح أقصى طول لهذا النوع. رغم ذلك، فيمكن تصديق أن عينة شاذة نمت بشكل أكبر. فقد يكون دقيقا ذاك الرقم القياسي في الطول، والبالغ 10 أمتار (32 قدما وتسع بوصات)، والذي يخص عينة وُجدت في سولاويسي (الإندونيسية) أوائل القرن الماضي. لكن ليس بمقدورنا التحقق من دقة نظم القياس" التي اتبعت في الماضي".
وأورد نيتوش عدداً من أنواع الثعابين، التي يُقال إنها تتجاوز الرقم القياسي للأصلات الشبكية في الطول. ومن بينها، الأصلة البنفسجية الاسترالية، وأصلة الصخر الأفريقية، إلى جانب "الأناكوندا الخضراء" (يوناتيس ميرونيس)، وهي ربما النوع الأكثر شهرة فيما بين هذه الأنواع.
فلطالما شكلت تلك الزواحف، التي تمثل الغابات المطيرة في أمريكا الجنوبية موطناً لها وتبدو طويلة البدن على نحو يصعب تصوره، محل افتنان ومصدر جاذبية، منذ أن روى المغامرون الأوائل حكاياتهم عنها.
كما باتت بمثابة مرشح مثالي للتناول في الأعمال الخيالية، بفعل موطنها البعيد عن العمران وعاداتها الحياتية التي تتسم بالتكتم والتحفظ، وذلك نظرا لأنه من العسير للغاية العثور على عينات منها، لكي يتم قياسها وتسجيل صفاتها على نحو واقعي دقيق.
فبوسع "الأناكوندا الخضراء"، إذا عاشت في ظروف طبيعية ودون إزعاج من البشر وتوافر لها الكثير من الفرائس، أن تبلغ حجما هائلا، سيجعلنا في حيرة من أمرنا.
وهنا يقول نيتوش إنه من المحتمل أن تكون الأناكوندا الخضراء هي النوع الوحيد من الثعابين، الذي تفيد عمليات تسجيل موثوق بها أن طوله يقترب من مستوى الثمانية أمتار (26 قدما وثلاث بوصات). ويضيف قائلا إن القياسات الخاصة ببلوغ أنواع أخرى طولا كبيرا للغاية "عتيقة وأعتقد بشكل شخصي أنها مشكوك فيها".
ورغم الطول الكبير الذي تتسم به ثعابين "الأناكوندا الخضراء"، فإن المخلوقات التي تعيش على البر لا تستطيع أن يتجاوز نموها هذا المدى في الطول. فالجانب الأكبر من سطح كوكبنا عبارة عن محيطات، وهناك يمكن العثور على الكائنات العملاقة بحق.
وهكذا؛ يمكن القول إن الحوت الأزرق (بالانوبترا مُسكيولس) يبدد – على ما يبدو – فرص أي حيوان آخر في الاستحواذ على لقب أكثر المخلوقات طولا، بفعل كونه الحيوان الأضخم الذي عاش على الأرض على الإطلاق. فحتى الحوت حديث الولادة من هذا النوع يفوق في طوله طول أي أصلة شبكية عملاقة.
وتوجد الحيتان الأضخم من نوع "الحوت الأزرق" في نصف الكرة الجنوبي. وبحسب التقديرات، عادة ما يناهز طول حيتان هذه السلالة التي تعيش في القطب الجنوبي مستوى الـ 98 قدما (30 مترا).
وأطول تلك الحيتان، بحسب السجلات، أنثى حوت ناهز طولها 110 أقدام (33.58 مترا)، كانت قد أُسرت على يد صيادي حيتان في المحيط الأطلسي الجنوبي. ولكن مرات مشاهدة وحوش البحر الضخمة هذه باتت تتسم بالندرة بفعل استغلالها والإتجار فيها، من قبل مثل هؤلاء الصيادين.
ويقتفي العلماء حاليا آثار تجمعات هذا النوع من الحيتان عبر تتبع "أغانيها" أو نداءاتها بالأحرى، للتعرف على طبيعة أي تغير ربما يكون قد طرأ على حياتها بعد الحُظر الذي فُرض على صيدها.
يعرف قنديل البحر ذو لِبْدَة الأسد علميا باسم (سيانيا كابيلاتا)
غير أنه تبين أن هناك حيوانات بحرية أخرى تنافس الحوت الأزرق. ولكن بدلا من أن يُقاس طول تلك الحيوانات من الأنف إلى الذيل، فإن أول ما سنذكره منها، يُقاس من "ناقوسه" وحتى مجساته، ألا وهو قنديل البحر ذو لِبْدَة الأسد (سيانيا كابيلاتا)، والذي سُمي بهذا الاسم للونه الأحمر ذي المسحة الذهبية، وكتلة مجساته الشبيهة بالشعر، وهو أحد أضخم قناديل البحر في العالم.
ويوجد هذا النوع في المياه المحيطة بأستراليا، ولكنه لا يصل إلى أكبر أحجامه سوى في المياه الباردة بالنصف الشمالي من الكرة الأرضية.
فهناك، يمكن أن ينمو الجزء المقعر من جسم هذا القنديل، والذي يُطلق عليه اسم الناقوس، إلى أن يبلغ قطره 6.5 أقدام (متران)، كما يصل طول مجساته – حسبما يُشاع - إلى 196 قدما (60 مترا).
غير أن الغموض لا يزال يكتنف أقصى طول يمكن أن تصل إليه القناديل من ذلك النوع، في ضوء أنه من الصعوبة بمكان استخدام أداة قياس تحت الماء، لقياس طول المجسات اللاسعة نصف الشفافة لقنديل دائب الحركة منها.
وربما شاهد المرء منّا صورة مُتلاعباً فيها تُظهر قنديل بحر يبدو وكأنه أطول من غواص موجود إلى جواره، وهي الصورة التي تعاود الظهور بانتظام على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يذكي الشائعات الدائرة حول طول هذا المخلوق.
وفي ستينيات القرن التاسع عشر، عُثر على أضخم عينة مسجلة من قناديل البحر هذه على الإطلاق، بعدما ألقتها الأمواج على شاطئ بلدة ناهان الساحلية بولاية ماساشوستس الأمريكية. وقد بلغ طول مجساتها نحو 120 قدما (36.5 مترا).
وفي سياق مراجعة صدرت عام 2015 بشأن الحيوانات البحرية العملاقة، أشار كريغ ماكلاين، من المركز الوطني للتركيب التطوري في مدينة دورام بولاية نورث كارولاينا الأمريكية، إلى الهشاشة التي تتسم بها مجسات قنديل البحر ذي لِبْدَة الأسد. وهو ما يعني أنه من العسير قياسها بشكل خاص، وأننا قد لا نعلم قط الطول الذي يمكن أن تصل إليه.
تعيش ديدان "بوتلاس" التي تنتمي إلى شعبة الديدان الشريطية داخل البرك الصخرية الواقعة على طول الساحل الغربي للمملكة المتحدة
وإذا ما كانت الهشاشة النسبية لمجسات هذا النوع من قناديل البحر تدفع المرء إلى عدم الاكتراث بطوله الكبير، فإن الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على ما يُعرف بـ"دودة بوتلاس" (لانيوس لونغيسيمس).
وتعيش ديدان هذا النوع – والذي ينتمي إلى شعبة الديدان الشريطية - بداخل البرك الصخرية الواقعة على طول الساحل الغربي للمملكة المتحدة، وحول هذه البرك كذلك. و"دودة بوتلاس" ذات لون بني داكن، ويبلغ عرضها عادة نحو خمسة ميلليمترات، وتفرز مخاطا نتن الرائحة عند ملامستها.
وفي ضوء ذاك الوصف، قد تبدو تلك الدودة مفتقرة – بشكل كبير – لأي ملامح مُمَيَزة، أو تتسم حتى بعدم الجاذبية، لكن ذلك لم يحل دون أن تلقى اهتماماً كبيراً حينما عُثر على إحداها على شواطئ بلدة سينت أندروز بمنطقة فايف الاسكتلندية عام 1864.
وبلغ طول هذه العينة مستوى هائلا وصل إلى قرابة 180 قدما (55 مترا)، وأصبحت رسميا الحيوان الأطول في العالم.
وكما هو الحال مع كل عمليات القياس التي جرت قديما، ما من سبيل لدينا للتعرف على ما إذا كانت هذه القياسات دقيقة، أم أنه جرى "مَطَّهَا"، فربما يكون قد جرى – حرفياً - "مَطّْ" هذه الدودة المرنة، لإرضاء المولعين بالأرقام القياسية.
وفي الأوساط العلمية، يُقال إن متوسط طول "دودة بوتلاس" يتراوح ما بين 16 إلى 32 قدما (من خمسة إلى عشرة أمتار)، ولكن بوسعها تقليص طول جسدها، حال تعرضها لأي تهديد، وذلك عبر قبض عضلاتها لكي تنكمش.
لذا، فإذا ما رأى أيٌ منّا إحدى هذه الديدان مستقبلا، وقد اتخذت شكل عقدة أنشوطة على شاطئ البحر، فليضع في ذهنه أنه ربما يرى أطول حيوان على سطح هذا الكوكب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق